ضوء من شعاع أرسطو الجزء الثاني

 ضوء من شعاع أرسطو الجزء الثاني



المهمة الأساسية للفكر

المهمة الأساسية للفكر فهي التوصل للحقيقة ونحن نسعى في طلبها عن طريق التأمل الفلسفي، ونبلغ أسمى درجة في هذا التأمل عندما نطلبها لذاتها. والحياة العقلية بجانب هذا كله حياة غنية بالفرح، والعقلاء من الناس ينشدونها ويجدون في طلبها للاستمتاع بالأفراح الحقة والمسرات النبيلة. وهنا يجد وهنا يتكلم أرسطو عن فكرته الرئيسية المعروفة عن القوة والفعل.

القوة والفعل

 ويعرضها عرضا مبسطا يتقبله القارىء العادي، فيميز بين المستيقظ والنائم، بين المبصر بالفعل والقادر على الإبصار، بين العارف بالإمكان ومن يستخدم معرفته ويطبقها، لينتهي من ذلك إلى القول بأن الفعل أعلى قيمة من الانفعال، وأن أسمى أفعال النفس هو التفكير، وأعلى درجات التفكير هو التفلسف، ولهذا تكون الحياة الكاملة من نصيب أصحاب الفعل الخالص، أي من نصيب المتفلسفين. وهؤلاء هم الذين يبلغون الغاية، لأنهم هم الذين يقومون بالفعل الفلسفي. يقول أرسطو للأسف الناس لا يدركون مصلحتهم ويجشمون أنفسهم الجهد والمشقة في سبيل أشياء عقيمة وعاطلة من كل قيمة. هكذا تكون الحياة الفاعلية  على الوجه الصحيح أي الحياة العقلية هي الشرط اللازم لبلوغ السعادة. وهنا يهيب أرسطو بإجماع الناس على طلب السعادة ليؤكد من جديد أن التفلسف هو الحياة السعيدة الكاملة، أو هو على الأقل أنجح الوسائل المؤدية إليها.

 حجة بلاغية

يسوق أرسطو حجة بلاغية تبدأ بها نغمة سوداء لا تقارن بنغمة المتألقة بالبهجة والفرح كما ذكرنا سابقًا. فهو يوازن بين الحياة العاقلة وبين حياة الناس الذين يقصرون همهم على مجرد الحياة وبأي ثمن.. وتفاجئنا نظرة النسر الحزين الذي يطل على وادي الأشباح. فالأشياء التي تبدو في أعين الناس عظيمة ليست في حقيقتها إلا ألعاب ظلال. وتتصل خاتمة اللحن المكتئب فتقتبس من الحكماء والشعراء القدماء مؤكدة ان حياة البشر تكفير عن ذنب كبير جنيناه، لتبلغ في النهاية قلب القتامة نفسها وترسم لوحة لا تنسى عن المساجين الذين تقيد جثث الموتى بأجسادهم بحيث يواجه الوجه بالوجه، ويلتصق العضو بالعضو. 

هل أراد أرسطو أن ينفرنا من حياتنا العادية المشغولة بالنهم إلى الثروة والغنى والشهرة وغيرها من الخيرات الظاهرية الخادعة لنحقق العلو فوقها على جناح التفلسف، أم غلبته تجربته أو قراءاته فانساق إلى هذه الصور الأليمة؟ مهما يكن الجواب فإن الكلمات الختامية هي أبلغ دفاع يمكن تصوره عن الفلسفة: فليس ثمة شيء إلهي في الإنسان إلا شيء واحد يستحق وحده عناء الجهد، ذلك هو العقل والتبصر الحكيم (أو التفلسف). وإن الحياة تخلو من التأمل لهي حياة تخلو من كل قيمة ولا تليق بإنسان. ويقول ارسطو: أن السعادة الحقيقية في الحياة لا تقوم على امتلاك الثروة الكبيرة، وإنما تعتمد على الحالة النفسية الطيبة.


أنتظر متابعتكم لتظهر لكم مقالاتي، وأنتظر تعليقاتكم لتشجيعي لكتابة المزيد من المقالات.

RAAFAT

3 تعليقات

  1. Very good
  2. ماعلاقة ارسطو وسقراط
  3. سقراط معلم أفلاطون، وتلميذ أفلاطون هو أرسطو.
رائيك مهم.. وتعليقك يفيد.. شكرًا لك
حقوق النشر © MR RAAFAT جميع الحقوق محفوظة
x